التهاب الشبكية الصباغي

التهاب الشبكية الصباغي

التهاب الشبكية الصباغي

Retinitis pigmentosa – RP

أُطلق اسم التهاب الشبكية الصباغي قبل أكثر من مئة عام على مرض ظهر خلاله بقع لونيّة صِبغيّة في قاعدة العين شوهدت بواسطة التنظير العينيّ (Ophthalmoscope).

كان الاعتقاد السّائد أن الحديث يدور حول التهاب، وقد اتضح خلال القرن 20 أن المرض وراثيّ وناتج عن خلل جينيّ، كما اتّضح أن المرض يتطور لعمى مع التقدّم في السن أكثر من أي مرض وراثي آخر.

توجد مجموعة من الطفرات الجينية التي قد تسبّب المرض، لكن فقط قسم منها أقل من عشرة معروفة حتى يومنا هذا.

يعد التهاب الشبكية الصباغي مرض نادر ونسبة انتشار المرض في الولايات المتحدة هي حالة واحدة من بين كل 2700 شخص تقريبًا.

تحتوي شبكية العين على نوعين من الخلايا التي تجمع الضوء، وهما: العصي (Rods) والمخاريط (Cones)، يقع العصي حول الحلقة الخارجية لشبكية العين ويتنشط في الضوء الخافت.

تؤثر معظم أشكال التهاب الشبكية الصباغي على العصي أولًا مما يُسبب اختفاء الرؤية الليلية، وعدم القدرة على الرؤية الجانبية.

تقع المخاريط في الغالب في مركز شبكية العين، وهي تُساعد على رؤية اللون والتفاصيل الدقيقة، عندما يؤثر المرض عليهم يفقد المريض ببطء الرؤية المركزية والقدرة على رؤية الألوان.

أعراض التهاب الشبكية الصباغي

تبدأ الأعراض الأوّليّة للمرض بالظهور بصورة عامة في مرحلة الطّفولة المبكّرة، ومن أبرز الأعراض المرتبطة بالمرض ما يأتي:

1. العمى الليلي (Loss of night vision)

يُمكن ملاحظة بوادر لمشكلات في الرؤية الليليّة لدى أطفال في سن الخامسة، كما أن العمى الليليّ هو عرض عامّ وعالمي ومطلق للمرض.

يحدث العمى الليلي عندما لا يستطيع المريض رؤية أي شيء في الظلام، قد تكون رؤيته طبيعية أثناء النهار، ولكن يبدأ المريض في فقدان الرؤية الليلية، ويستغرق الأمر وقتًا أطول للتكيف مع الظلام.

قد تتعثر في أشياء، أو تُواجه مشكلة في القيادة في الليل، كما قد تجد صعوبة في الرؤية في دور السينما، أو الغرف المعتمة الأخرى.

2. الفقدان التدريجي للرؤية الجانبية (Gradual loss of peripheral vision)

تعرف هذه الرؤية باسم رؤية النفق، قد تجد أنك تصطدم بالأشياء وأنت تتحرك، هذا لأنك غير قادر على رؤية الأشياء التي الموجودة في الأسفل، أو حولك.

3. فقدان الرؤية المركزية (Loss of central vision)

يعاني بعض الأشخاص أيضًا من مشكلات في الرؤية المركزية، وهذا قد يجعل من الصعب القيام بالمهام التفصيلية، مثل: القراءة، أو خياطة إبرة.

يعد تقلّص مجال الرؤية أمر شائع، حيث يشكو 94% من المرضى من ذلك، وفي المقابل فالتأثير على حدّة الرؤية المركزيّة متنوّع للغاية.

يوجد هناك مرضى بالتهاب الشبكيّة الصباغي الذين لا تتأثّر رؤيتهم المركزيّة حتى جيل متقدّم، من جهة أخرى هناك من يفقدون قدرتهم على الرّؤية المركزيّة في العقد الثالث من حياتهم.

تتغير العلامات البادية في العينين وفقًا لفترة استمرار المرض، فلا يوجد علامات بارزة في العقد الأول من العمر بشكل عام، وتظهر في العقد الثاني نقاط وبقع فاتحة اللون في عمق الشبكيّة، ونقاط صِبغيّة سوداء اللون في الشبكيّة نفسها.

يظهر لاحقًا ضمور في الشبكيّة واصطباغ بصورة جسيمات عظميّة مميّزة للمرض.

أسباب وعوامل خطر التهاب الشبكية الصباغي

يوجد العديد من الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى التهاب الشبكية الصباغي، وأكثر من 60 جين مسؤول عن تكوّن أكثر من نوع من المرض الذي ينتقل خلال مرحلة الطفولة بالطرق الآتية:

1. جينات جسدي متنحية (Autosomal recessive RP)

في هذه الحالة يكون عند كل من الأم والأم جين واحد يحتوي على المرض ولكنه لا يسبب لديهم ظهور أي أعراض، ولكن عند ولادة طفل يرث كلا النسختين من الجينات المصابة من الوالدان فذلك يسبب ظهور المرض وأعراضه عليه.

ونظرًا لأن كل طفل بحاجة لنسختين من الجين المصاب لظهور المرض فإن نسبة ظهور المرض لكل طفل هنا تساوي 25%.

2. جينات جسدية سائدة (Autosomal dominant RP)

في هذه الحالة يحتاج الطفل لوجود نسخة واحدة من الجين المصاب لظهور أعراض المرض عليه، واحتمال إصابة أي طفل في هذه الحالة تساوي 50% من الاحتمالات.

3. جين محمول على الكروموسوم إكس (X linked gene)

قد يكون المرض مرتبط بالجنس عندما تكون الأم في تمام صحّتها ولكنها تنقل المرض إلى أطفالها الذكور، وقد تظهر أعراض طفيفة جدًا على الأمهات بنسبة امرأة من أصل 5 نساء مصابات.

معظم الذكور الذين يرثون الجين من أمهاتهم يُعانون من أعراض شديدة، وفي هذا النوع من الجينات المسببة للمرض لا ينقل الآباء المرض لأبنائهم.

مضاعفات التهاب الشبكية الصباغي

من أبرز مضاعفات التهاب الشبكية الصباغي ما يأتي:

تشخيص التهاب الشبكية الصباغي

يستطيع الطبيب إخبار المريض بوجود التهاب الشبكية الصباغي بعد النظر إلى العين وطلب الفحوصات الآتية:

1. منظار العين (Ophthalmoscope)

يضع الطبيب قطرات في العين لجعل حدقة العين أوسع ليتمكن من إلقاء نظرة أفضل إلى شبكية العين، ويستخدم أداة محمولة للنظر في الجزء الخلفي من العين.

إذا كان لدى المريض التهاب الشبكية الصباغي فستظهر هناك أنواع محددة من البقع الداكنة على شبكية العين.

2. اختبار المجال البصري (Visual field test)

في هذا الاختبار ينظر المريض من خلال جهاز موضوع على طاولة في نقطة في مركز الرؤية، وأثناء التحديق في تلك النقطة ستظهر الأشياء أو الأضواء على الجانب، سوف يضغط المريض على زر عند رؤيتهم، وسيقوم الجهاز بإنشاء خريطة لمساحة الجانب الذي يُمكن رؤيته.

3. مخطط كهربائية الشبكية (Electroretinogram)

يضع طبيب العيون فيلمًا من رقائق الذهب، أو عدسة لاصقة خاصة على عين المريض، ثم يقيس كيف تستجيب شبكية العين لومضات الضوء؟

4. الاختبار الجيني (Genetic test)

ترسل عينة من الحمض النووي (DNA) لمعرفة شكل التهاب الشبكية الصباغي لدى المريض.

علاج التهاب الشبكية الصباغي

لا يوجد علاج للمرض لغاية الآن، وقد تم منذ طليعة القرن 20 إجراء عشرات التجارب الفاشلة لعلاج المرض بداية بزرع مشيمة (Placenta) في محجر العين والتي أجراها بروفيسور يدعى فيلاتوف (Filatov) في روسيا، وانتهاء بسلسلة من العلاجات التي لم تثبت فعاليتها بعد بل وقد تسبب أضرارًا.

1. علاجات لتأخير حدوث فقدان البصر

يوجد هنالك في المقابل أنواع من العلاجات ذات مرجعيّة علميّة تقلل من خطر الإصابة بفقدان البصر، وهي:

  • دواء أسيتازولاميد (Acetazolamide)

في المراحل المتأخرة من المرض يمكن أن تنتفخ المنطقة الصغيرة الموجودة في مركز شبكية العين. وهذا ما يسمى بالوذمة البقعية، ويمكن أن يقلل هذا من الرؤية.

يمكن لدواء أسيتازولاميد أن يُخفف من التورم ويحسن الرؤية.

  • العلاج باستخدام فيتامين أ

الجرعات العالية من فيتامين أ قد تساعد في منع تفاقم المرض، ولكن يجب الحذر الكميات الكبيرة من الفيتامين قد تسبب السمية، لذلك يجب اتباع تعليمات الطبيب حول الكمية التي يجب استخدامها بدقة.

  • ارتداء النظارات الشمسية

للتقليل من التحسس من الضوء، وحماية العين من أشعة الشمس فوق البنفسجية التي قد تٌسبب فقدان البصر.

  • زراعة الشبكية (Retinal implant)

إذا كان المريض مصاب بمراحل متأخرة من التهاب الشبكية الصباغي فذلك يؤهله لزراعة الشبكية التي توفر رؤية جزئية.

2. علاجات قيد الدراسة

تتواصل الأبحاث الجادّة لعلاج التهاب الشبكية الصباغي، أو طريقة لتحسين حقيقيّ في إصابة القدرة على الرؤية. وتأخذ الأبحاث حاليًا ثلاثة اتجاهات مختلفة:

  • استبدال الجين المصاب: تنم عملية الاستبدال عن طريق وصل مادة بالجين السليم وحقنهما معًا للعين أو للدم. بحيث ينتشر في كل الجسم.
  • زراعة خلايا الجنينية (Embryonic cells) داخل العين: بهدف استبدال الخلايا المصابة.
  • زراعة رقاقة إلكترونية أمام أو خلف الشبكيّة: بحيث تستوعب الرّقاقة الضوء وتنقل التحفيز إلى العصب البصري متجاوزة الشبكيّة المريضة.

توجد هناك احتمالات جيّدة لنجاح أحد هذه الاتجاهات في السنوات القريبة القادمة.

الوقاية من التهاب الشبكية الصباغي

قد تساعد الاستشارة والاختبار الجيني في تحديد إذا كان الطفل معرض لخطر الإصابة بهذا المرض.

2024-01-22T20:11:37+00:00

اضف تعليقا

اذهب إلى الأعلى